الأربعاء، 11 مارس 2009
الأزمة المالية العالمية : دعوة عامة لقراءة الأسباب الحقيقية و التداعيات و أسبق التحذيرات .... فى بحث علمى للدكتور شوقى الحفناوى - مصر- منذ عام 2005

الأزمة المالية العالمية : دعوة عامة لقراءة الأسباب الحقيقية و التداعيات و أسبق التحذيرات .... فى بحث علمى منذ عام 2005

للدكتور/ شوقى الحفناوى - جامعة طنطا – مصر ،
البحث منشور بالمجلد الثانى لمؤتمر كلية التجارة جامعة الإسكندرية فى اكتوبر عام 2005 ، ص 189 – 225 بعنوان:

"حوكمة الشركات
و دورها فى علاج أمراض الفكر و التطبيق المحاسبى"

و ملخص البحث منشور بمجلة المحاسب التى تصدرها جمعية المحاسبين و المراجعين المصرية بالعدد 30 لسنة 2007،
و البحث و ملخصه منشوران أيضا على شبكة الإنترنت ،على موقع العالم الأمين الخبير المالى و المحاسب القانونى الدكتور شوقى الحفناوى
WWW.dr-shawkycenter.blogspot.com

لقد وضع الرئيس الأمريكى أوباما يده على الداء فى هذه الأزمة حين وضع حدودا قصوى لمكافآت المديرين التنفيذيين بالبنوك والشركات التى طلبت الدعم الحكومى لتجنب الإفلاس و أشار إلى مسئولية المديرين التنفيذيين بالبنوك و الشركات عن تلك الأزمة .

و هذا ما نبه إليه الحفناوى فى أطروحته للدكتوراة عام 1997بعنوان " نحو إطار للتقويم الشامل للتوجهات المحاسبية بالتطبيق على التوجه نحو الإفصاح عن التنبؤات المالية " و حذر منه أيضا عام 2005 فى بحثه غير المسبوق المشار إليه ؛ حين حدد و شخص أهم أمراض الفكر و التطبيق المحاسبى التى انتشرت خلال السنوات الثلاثين السابقة و ساعدت على التلاعب و الغش المالى و الفنى و الفساد الإدارى فى الشركات و المؤسسات وأدت إلى تدهور و إفلاس بعض الشركات و أهم تلك الأمراض أو المشكلات هى :

1- الاختلال الأخلاقى ، و ما نتج عنه من سعى الإدارة إلى تعظيم منفعتها الذاتية العاجلة على حساب المساهمين و غيرهم من أصحاب المصالح فى الشركة دون اهتمام بمصلحة الشركة ككل أو مراعاة للأمانة على ما تديره من أموال و الصدق فيما تعرضه من بيانات .
كما ذكر الحفناوى صراحة أن سعى الإدارة إلى تعظيم منفعتها الذاتية العاجلة دون اهتمام بمصلحة الشركة ككل ، أو افتقادها إلى أى من الكفاءة فى العمل أو الأمانة على ما تديره من أموال و ما تعرضه من معلومات للمعنيين بالشركة سيقود حتما إلى الإفلاس و فقد الإدارة و العاملين وظائفهم و تدهور الاقتصاد القومى و العالمى .

2- انعدام الحسم فى بعض معايير المحاسبة و المراجعة ، و ما يؤدى إليه من وجود أكثر من نتيجة للعملية الواحدة بالمعيار أو القاعدة المحاسبية الواحدة فى نفس الوقت ،الأمر الذى يتيح الفرص للتلاعب و الغش المالى و يؤدى إلى عدم دقة البيانات و المعلومات المحاسبية و فقدان الثقة فيها و فى المحاسبين و المراجعين.

3- الاستشكال الفكرى ، المتمثل فى التباس بعض المفاهيم و الأهداف و الوظائف المحاسبية فى السياسات و الوظائف الإدارية لدى كثير من المحاسبين و المراجعين الأكاديميين و المهنيين خلال العقدين السابقين و ما ترتب عليه من دوران المحاسبين و المراجعين فى فلك المصالح الذاتية العاجلة لإدارات الشركات بغية تحقيق مصالحهم الذاتية العاجلة أيضا دون اعتبار لحقوق الملاك و حقوق المجتمعات عليهم ، بدلا من أن يكونوا مرشدين و مراقبين لقرارات و أعمال الإدارة و ذلك بغطاء من ألفاظ مستحدثة غير محددة المعانى لتلقى القبول فى المجالين المحاسبى و الإدارى ! و إن شئت فقل لتقبل نتائجها القسمة على المصالح الخاصة بالمحاسبين و المراجعين و المديرين ؛ مثل : إدارة الأرباح و هندسة القيمة و الإدارة الاستراتيجية وإدارة التكلفة و غيرها .!!

وحذر الحفناوى- بقوله بالنص" و يحذر الباحث"- من أن هندسة القيمة وﺇدارة التكلفة واﻹدارة الاستراتيجية للتكلفة والتكلفة المستهدفة ، كل ذلك قد تستخدمه ﺇدارات بعض الشركات لزيادة مساحة حريتها فى التلاعب وﺇدارة الأرباح من خلال تغيير مستوييى التكاليف والأسعارفتبدو الأرباح بالمستوى الذى تريده ، بعد أن ضاقت حريتها فى التلاعب بكمية بيانات التقاريرالمالية ودرجة شفافيتها بالقيود التشريعية وقيود المعايير المحاسبية فى مجالات القياس واﻹفصاح وكذا معايير المراجعة ومعايير الحوكمة .
ومما لاشك فيه أن التلاعب بمستوى قاع المحيط أو مستوى شاطئه ( التكاليف و الأسعار ) أشد مكرا و تضليلا من التلاعب فى كمية مياهه ودرجة صفائها .

4- تعقد مقاييس الأداء ، و محاولة تحويل الاهتمام عن الأرباح و المقاييس المالية للأداء - بحجة تغير بيئة الأعمال و شدة المنافسة - إلى ما يسمى ببطاقة قياس الأداء المتوازن و الأداء الاستراتيجى و أرباح التشغيل و معدل العائد الداخلى و غير ذلك من كلام كان سترا للحقائق المالية المريرة الناتجة عن الفساد و الغش و التدليس التى تعرت بالسقوط المدوى بالإفلاس .

وأوضح الحفناوى أن سلسلة تدهور حالات بعض الشركات إلى الإنهيار قد بدأت بتمهيد الأرباح ، ثم إدارة الأرباح ، ثم تلاعب ، ثم غش مالى ، ثم فساد إدارى ، إلى أن وصلت إلى انهيار تلك الشركات وخروجها من دنيا الأعمال ، وذلك كله بسبب انتشار نظرية الوكالة فى الفكر و التطبيق المحاسبى ، و الاعتقاد الخاطئ بتعارض مصلحة الإدارة و مصلحة الملاك ( المساهمين ) ، و سعى الإدارة لتعظيم منفعتها الذاتية العاجلة على حساب المساهمين و غيرهم من أصحاب المصالح المشروعة فى الشركة دون اعتبار لمصلحة الشركة ككل و مصاح الملاك و المجتمعات !!
ونبه الحفناوى إلى أن الفكر والتطبيق المحاسبى يتدهور من سىء إلى أسوأ ، ولا يتحسن ، و تساءل قائلا : و كيف يتحسن وفيه من فيه ، ممن لا هم لهم سوى تبرير الجرائم لإضفاء الشرعية العلمية والعملية عليها ، وتقبلها أو على الأقل تمريرها بسلام من أمام أعين المراقبين أو من ورائهم .
كما نبه الحفناوى أيضا إلى أن مبدأ الرشد الاقتصادى الذى أرساه الاقتصادى الشهير آدم اسمث الذى يدعو إلى حرية الفرد فى سعيه لتعظيم منفعته الذاتية ليس صحيحا على إطلاقه ؛ بل يجب أن يكون له محددان أحدهما أخلاقى يتمثل فى ضرورة تقيد الفرد بحقوق الآخرين ، و الآخر اقتصادى يتمثل فى أن التعظيم الحقبقى للمنفعة الذاتية لا يكون إلا على المدى الطويل لأن ما تحصل عليه الإدارة من مكافآت وحوافز مرتبط ببقائها فى وظائفها وتعظيم هذه المنافع يتطلب بقاءها فى وظائفها أطول فترة ممكنة ، وهذا يتطلب منها الكفاءة فى العمل و الأمانة على ما تديره من أموال و ما تعرضه من بيانات و معلومات ، و هذان الأمران معا يحققان المصلحة العامة للشركة و من ثم مصلحة الاقتصاد القومى و العالمى ، ويحققان أيضا المصالح الذاتية للإدارة و الملاك أو المساهمين و غيرهم من أصحاب المصالح فى الشركة فى نفس الوقت .
و هذا ما أسماه الحفناوى منذ عام 1997 "باقتصاديات الأخلاق "وهو ما اقتنع العالم به مؤخرا و يسعى إليه الآن بعد ما تكبده من خسائر التلاعب و الغش و الفساد المتمثلة فى الأزمة المالية العالمية الراهنة و من قبلها أزمة الغلاء و من بعدها أزمة الركود ...

فأمراض الفكر و التطبيق المحاسبى المذكورة هى الأسباب الحقيقية للأزمة المالية الراهنة ، و ليس السبب تعثر قروض الرهن العقارى ؛ فهذا التعثر عرض من أعراض الأزمة و ناتج عن هذه الأمراض و ليس السبب الأساسى بدليلين :
الأول : أنه لولا الاختلال الأخلاقى و انعدام الحسم فى المعايير و القواعد المحاسبية و الاستشكال الفكرى و تعقد مقاييس الأداء لما كانت هناك رغبة جامحة للمديرين التنفيذيين بالشركات و البنوك التى أفلست أو أوشكت على الإفلاس لتعظيم منافعهم الذاتية على حساب المساهمين و غيرهم من أصحاب الحقوق ، من خلال الإسراف فى منح قروض الرهن العقارى بمعدلات فائدة مرتفعة و دون ضمانات كافية ، وإعادة توريق الديون والمبالغة فى قيم المشتقات ، و لما مرت تلك الممارسات الإدارية من خلال النظم المحاسبية و عمليات المراجعة المالية دون تحفظات أو ملاحظات سنوات و سنوات حتى انهارت الشركات بالإفلاس؛ فالإفلاس لا يكون أبدا فجأة أو بغتة ، و إنما تسبقه دلالات و علامات خلال سنوات سابقة عليه .
الثانى : أن الإفلاس لم يقتصر على بنوك و شركات الرهن العقارى بل امتد لكبريات شركات السيارات و التكنولوجيا وغيرها .

و هل بعد هذه الجهود العلمية و التحذيرات عام 1997 ، 2005 فشل علماء وخبراء المال والاقتصاد فى التنبؤ بالأزمة المالية الراهنة أو التنبه و التنبيه إلى أسبابها أو تداعياتها ؟!!



و رغم أننا نرى أن الرئيس الأمريكى أوباما قد وضع يده على الداء فى هذه الأزمة إلا أننا نرى أيضا أن خطط الإنعاش التى تنتهجها كثير من الدول مازالت بعيدة عن الدواء !!


لقراءة البحث المشار إليه بالتفصيل تفضل بزيارة موقعنا :

WWW.dr-shawkycenter.blogspot.com


التسميات: